لابد و أنك قد تساءلت يوما لماذا تطفو السفن العملاقة دون أن تغرق؟ و لماذا تطفو بعض الأجسام و تغرق أجسام أخرى؟ قد تبدو الإجابة بديهية للوهلة الأولى فالأمر يتعلق بالوزن فبعض الأجسام أثقل من أجسام أخرى لذا فمن الطبيعي أن تطفو بعضها و تغرق الأخرى، مبدئيا نعم لكن الأمر بحاجة إلى بعض التفصيل.
قوة الطفو:
لابد و أنك قد سمعت بمصطلح قوة الطفو أو دافعة أرخميدس نسبة إلى العالم اليوناني أرخميدس أول من اكتشف هذا المبدأ، يقول أرخميدس أن أي جسم مغمور داخل سائل ما يتعرض لقوة دافعة معاكسة لاتجاه الجاذبية الأرضية تسمى بقوة الطفو أو دافعة أرخميدس تساوي وزن السائل المزاح الناتج عن إدخال الجسم داخل السائل.
لكن لماذا قوة الطفو تساوى حجم السائل المزاح؟
قبل اثبات ذلك حسابيا يمكن إيصال مفهوم دافعة أرخميدس بالطريقة التالية: تخيل لو أن أمامك ميزان في احدى طرفيه دلوا مملوؤا بالماء و الطرف الآخر فارغ فما هي القوة اللازم تطبيقها على الكفة الفارغة لرفع كفة دلو الماء؟ الجواب بسيط و هي أن تكون أكبر من وزن الماء.
الأمر نفسه حين تغرق جسما في سائل فإن الجزء المغمور من الجسم داخل السائل يرفع أو يزيح جزءا من السائل، هذه الإزاحة تتطلب قوة لأنها تحرك السائل للأعلى و هذا ما يسبب القوة الدافعة المعاكسة، فإذا كان وزن الجسم أكبر من وزن السائل المزاح فإن الجسم سيغرق و إلا فالجسم سيقى طافيا.
البرهان الرياضي بأن قوة الطفو تساوي حجم السائل المزاح:
نظرية أرخميدس إستندت إلى الملاحظة و الإستنتاج المنطقي لكنها بحاجة إلى تفسير أكثر دقة، إذا افترضنا أننا رمينا جسما على شكل أسطوانة في سائل فإنه في الواقع سيتعرض إلى قوتين دافعتين واحدة تدفعه إلى الأسفل و الأخرى إلى الأعلى.
القوة الدافعة نحو الأسفل في الوقع هي القوة الناتجة عن ضغط السائل الممارس على
السطح العلوي ونرمز لها بالرمز ق1
أما القوة الدافعة نحو الأعلى فهي نتيجة
ضغط السائل الممارس على السطح السفلي ونرمز لها بالرمز ق2 ، وبما أن الضغط يساوي
نسبة القوة على السطح فإننا نستنتج ما يلي:
ق 2 = ض2 × م
حيث "ض" ترمز إلى الضغط ، "م" ترمز للمساحة
إذا علمنا أن ضغط السائل في عمق معين يساوي: ض = الكثافة(ك) × تسارع الجاذبية(ج) × العمق(ع)
القوة الدافعة = ق2 - ق1
= ( ض2 × م) - (ض2 × م)
= (ض2- ض1) × م = ك × ج × (ع2 - ع1) × م
= ك × ج × ع × م
نعلم أن ضرب الإرتفاع (ع) في المساحة(م) يساوي الحجم نستنتج أن:
القوة الدافعة = الكثافة × تسارع الجاذبية × الحجم
أي أن القوة الدافعة تساوي وزن السائل المزاح
هذا يعني أن القوة الدافعة تتعلق فقط بكثافة السائل، تسارع الجاذبية و حجم السائل المزاح، هذا يعني أن القوة الدافعة ليس لها علاقة بالعمق أو بشكل الجسم، قد يبدو هذا غريبا لأول وهلة لأن ضغط السائل يزداد مع العمق لكن الضغط يزداد في الإتجاهين فوق و تحت الجسم ما يجعل قوة الطفو نفسها مهما كان العمق إلا إذا تغير تسارع الجاذبية.
كما أن القوة الدافعة ليس لها علاقة بوزن الجسم فهي نفسها سواء غمرت كرة قدم أو كرة بولينغ بنفس الحجم فإن القوة الدافعة لا تتغير، هنا قد يتساءل أحدهم لماذا إذا تغرق بعض الأجسام دون غيرها، الجواب يقودنا للقاعدة العامة لطفو الأجسام:" إذا كان وزن الجسم أكبر من القوة الدافعة سيغرق أما إذا كان أقل سيطفو"
أسئلة شائعة حول قوة الطفو:
بالإضافة إلى قوة الطفو ما هي القوى الأخرى المطبقة على الجسم داخل السائل؟
يجب أن نميز هنا بين الجسم في حالة السكون (static) و في حالة الحركة (Dynamic)،
ففي حالة السكون أي إما أن يكون طافيا فوق السائل أو مستقرا في الأسفل في هذه
الحالة فإن وزن الجسم و إتجاهه للأسفل و قوة الطفو و إتجاهها للأعلى هما عمليا
القوتان الوحيدتان المؤثرتان على الجسم.
أما في حالة الحركة (Dynamic) أي
أثناء نزول الجسم داخل السائل فهناك قوتان رئيسيتان تؤثران على الجسم بالإضافة
إلى قوة الطفو و هما قوى الإحتكاك (Drag) و القوة الناتجة عن اللزوجة
(ٍViscosity).
هل يؤثر شكل الجسم في قوة الطفو؟
شكل الجسم لا يؤثر بأي حال من الأحوال على قوة الطفو إذا كان الحجم ثابتا، فإذا كان لدينا جسم على شكل كرة حجمه 1لتر وآخر على شكل مكعب و بنفس الحجم فإنهما سيتعرضان لنفس المقدار من قوة الطفو والسبب أنهما يزيحان نفس المقدار من السائل.
إضافة إلى عدم تأثر قيمة قوة الطفو بالشكل فإنها لا تتأثر بالوضعية كذلك، فمثلا إذا كانت لدينا صفيحة أي أبعاد الطول و العرض أكبر بكثير من البعد الثالث أي السُمك فإن وضع الصفيحة بشكل عرضي أو وضعها بشكل عمودي فإن ذلك لا يُغير من قيمة قوة الطفو، و السبب أن ما يكسبه الجسم طولا من فرق الضغط يفقده في المساحة و العكس صحيح.
لكن يجب الإشارة إلى أن شكل الجسم يتأثر بشكل كبير بقوى الإحتكاك و اللزوجة.
هل تزيد قوة الطفو كلما زاد عمق الجسم داخل السائل؟
عندما يبدأ الجسم بالدخول تدريجيا داخل السائل يبدأ بإزاحة السائل تدريجيا و بالتالي تزيد القوة الدافعة مع ازدياد إزاحة الماء إلى غاية إنغماره كليا، بعد ذلك لا تزيد قيمة قوة الطفو بإزدياد العمق إذا بقيت كثافة السائل ثابتة و لم تتأثر بتغير الحرارة، رغم أن ضغط السائل فوق الجسم يزداد كلما زاد عمق الجسم إلا أنه يزداد كذلك تحته و بالتالي ففرق الضغط فوق الجسم و تحته يبقى نفسه مهما تغير العمق.
هل تتغير قوة الطفو بتغير حرارة السائل؟
بما أن قوة الطفو تتعلق بكثافة السائل فيجب معرفة تأثر الكثافة بدرجة الحرارة، إذا ازدادت درجة حرارة السائل فإن حجمه سيزداد و بالتالي كثافته تقل و بما أن قوة الطفو تساوي وزن السائل المزاح فإن قوة الطفو تقل كذلك، لكن هذا التأثر في الواقع يكون ضئيلا جدا و لا يكاد يُقاس إلا في حالات التغير الكبير في درجة و الحرارة.
كيف تطفو السفن العملاقة على سطح الماء؟
حسب مبدأ أرخميدس فإن طفو أو غرق أي جسم يتعلق بكثافته مقارنة بكثافة الماء، لماذا إذا لا تغرق السفن العملاقة المصنوعة من الفولاذ؟ في الواقع السفينة ليست مكونة من الفولاذ بنسبة 100% بل الهيكل الخارجي فقط هو الفولاذي وذلك من أجل الحماية أما داخل السفينة فأغلبه غرف هوائية ، هذا يقودنا إلى مفهوم الكثافة الظاهرة أي كثافة جسم مكون من عدة مواد، حيث إن الكثافة الظاهرة تساوي نسبة الوزن الكلي على الحجم الكلي، وفي حالة السفن بما أن أغلب حجمها من الهواء فإن كثافتها الظاهرة تكون أقل من كثافة الماء و بالتالي لا تغرق.
الأمر نفسه بالنسبة إلى القوارب الصغيرة، حيث أن القوارب تصنع بشكل تجويف داخلي و محيط خارجي يمنع دخول الماء و بالتالي فإن كثافة الجزء المغمور من القارب تكون أقل من كثافة الماء و بالتالي لا يغرق القارب.
إقرأ أيضا:
لماذا يطفو الجليد على سطح الماء
لماذا الإنسان أثناء السباحة يبقى فوق الماء لا يغوص
ردحذفلماذا الإنسان أثناء السباحة يبقى فوق الماء و لا يغوص
ردحذف