تنتشر الكثير من المفاهيم الخاطئة بين الناس حول سبب حدوث الفصول الأربعة فبعضهم يعتقد أن ذلك يحدث بسبب مسار الأرض البيضوي مما يؤدي إلى بعد الأرض عن الشمس أو قربها حسب موقعها في هذا المسار، و البعض الآخر يظن أن ميل محور الأرض يؤدي إلى قرب أحد نصفي الكرة الأرضية من الشمس وبعد الآخر مما يسبب حدوث الصيف و الشتاء.
و رغم أن هذه الأفكار قد تبدوا منطقية للوهلة الأولى إلا أنها غير صحيحة و ليس هي السبب في حدوث الفصول الأربعة، وقبل الخوض في السبب الحقيقي لحدوث الفصول الأربعة دعنا نبين بطلان هاته الأفكار.
مفاهيم خاطئة حول الفصول الأربعة:
1- مسار الأرض حول الشمس غير دائري:
و هو ما يسبب إقتراب الأرض من الشمس في وقت ما من السنة و ابتعادها في وقت آخر، هذه الفكرة يمكن تفنيدها منطقيا بسهولة فلو فرضنا أنها صحيحة فسوف يكون هناك نفس الفصل في نصفي الكرة الأرضية لكن في الواقع عندما يكون الصيف في أوربا مثلا يكون الجو شتاءا في جنوب أفريقيا.
مع التأكيد على أن شكل مدار الأرض حول الشمس ليس دائريا تماما بل هو بيضوي يقترب إلى الدائرة، و يمكن أن نصف شكله بتحديد نقطتين في هذا المدار هما الحضيض الشمسي (Perihelion) و الأوج الشمسي (Aphelion).
- الحضيض الشمسي (Perihelion) : وهي النقطة التي تكون فيها الأرض في أقرب مسافة لها من الشمس حيث تكون المسافة حوالي 147 مليون كم و تكون في الخامس من يناير تقريبا.
- الأوج الشمسي (Aphelion) : وهي النقطة التي تكون فيها الأرض في أبعد مسافة لها من الشمس حيث تكون المسافة حوالي 152 مليون كم و تكون في الرابع من يوليومن كل عام.
حيث نلاحظ أن الأرض تكون في أقرب نقطة لها من الشمس في الشتاء و في أبعد نقطة لها من الشمس في فصل الصيف و هو ما يُفند نظرية حدوث الفصول الأربعة بسبب مدار الأرض.
يمكن معرفة المسافة بين الأرض على المباشر من خلال هذا الموقع:
2- إقتراب أحد نصفي الأرض و ابتعاد الآخر بسبب الميل:
وهو المفهوم الأكثر انتشارا حول هذا الموضوع و ذلك بسبب كونه منطقيا عند أول وهلة فكون فكرة ازدياد درجة الحرارة كلما اقتربنا من الشمس مقبولة جدا و هذا ما سبّب انتشار هذه الفكرة الخاطئة بشكل كبير.
صحيح أن محور الأرض مائل بزاوية قدرها 23,5° بالنسبة للمحور المعامد لمدارها حول الشمس لكن هل يسبب إقتراب مسافة أحد نصفيها من الشمس إزديادا في درجة الحرارة.
دعنا نحسب قيمة هذه المسافة حسابيا، محيط الأرض تقريبا هو 40075 كم، أي أن زاوية قدرها 23,5° تعطينا قوسا طوله 2616كم، هذه المسافة تمثل إقتراب القطب من الشمس أو ابتعاده عنها بسبب الميل، إذا قارناها بالمسافة بين الشمس و الأرض و التي تقدر بما معدله 150 مليون كم فإنها تبدو مهملة تماما و لا يمكن أن تتسبب بتغبر درجة الحرارة.
لماذا محور الأرض مائل؟
يبلغ ميل محور الأرض عن محور مدارها حول الشمس حوالي 23,5 درجة، لكن يبقى سبب ذلك مجهولا لحد الساعة لكن الشيء الأكيد أن الأمر يتعلق بتاريخ تشكل الأرض و النظام الشمسي بأكمله، آخر النظريات تقول أنه أثناء تكون نظامنا الشمسي حدث إصطدام هائل بين كوكب بحجم المريخ و كوكب الأرض مما أدى إلى إنتشار حطام من الكوكبين أدى إلى تكوين القمر و إلى ميل محور الأرض .
ما هو سبب حدوث الفصول الأربعة إذا؟
دعونا نسأل سؤالا آخر قبل ذلك، مالذي يُسبب اختلاف درجة الحرارة بين بداية النهار، منتصفه و نهايته و لماذا يكون وقت الظهيرة هو الأشد حرارة في كل اليوم؟
قد تتساءل ما علاقة ذلك بالفصول الأربعة؟ فأجيبك أن السبب واحد و هو أن زاوية سقوط الأشعة الشمسية هو ما يُسبب كمية الطاقة الساقطة على سطح الأرض، ففي فصل الصيف يكون النصف الشمالي للكرة الأرضية مائلا باتجاه الشمس مما يؤدي إلى سقوط الأشعة الشمسية بشكل أقرب إلى العمودي مما يسبب سقوط كمية أكبر من الطاقة في مساحة أرضية أقل و هو ما يسبب إرتفاع درجة الحرارة، بينما في النصف الجنوبي فتسقط الأشعة بشكل مائل و بالتالي كمية أقل من الطاقة.
لكن قد يقودنا هذا إلى تساءل آخر وهو لماذا الأشعة المائلة تعطي طاقة أقل من
الأشعة العمودية؟
دعنا نأخذ هذا المثال الذي نقارن فيه بين حزمة شمسية عرضها
1كم تسقط بزاوية قدرها 30° و نفس الحزمة لكن تسقط عمودية.
عندما نكون في شهر ديسمبر مثلا يكون الجزء الشمالي للأرض مائلا بالإتجاه الآخر للشمس و بالتالي تسقط أشعة الشمسة مائلة على سطح الأرض مما يسبب إنكسار الضوء أثناء سقوطه مائلا على الأرض مما ينتج أن كمية الطاقة الشمسية الساقطة على الأرض قليلة مقارنة مع النصف الجنوبي حيث تسقط الأشعة الشمسية عمودية مما يؤدي إلى وصول كمية أكبر من الطاقة الشمسية إلى الأرض و هذا مما يرفع درجة الحرارة أثناء الصيف و العكس صحيح بالنسبة لشهر جوان.
أما بالنسبة للخريف و الربيع فإن الأشعة الشمسية تسقط بشكل متقارب بين نصفي الكرة
الأرضية لذلك فإن درجات الحرارة تكون متقاربة أثناء شهري مارس و سبتمبر.
أما
في خط الإستواء فإن الأشعة الشمسية تسقط بصفة أقل ميلا في سائر أيام السنة مما
يجعل من الجو دائما معتدلا مهما كانت درجات الحرارة في الشمل أو الجنوب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق