لابد و أنك قد تساءلت يوما عن سبب طفو الجليد على سطح الماء، قد يكون الجواب الأولي هو أن السبب يرجع إلى أن كثافة الجليد أقل من كثافة الماء، وهذا يقودنا إلى تساءل آخر: لماذا رغم أنهما في الأصل مادة واحدة.
لا يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة من دون معرفة الخصائص الكيميائية للماء و كيف تتأثر هذه الخصائص بدرجة الحرارة، و ما الذي يتغير في الماء حتى يتحول إلى جليد؟
بنية جزيء الماء:
ينتج جزيء الماء كما هو معروف من ارتباط ذرة أوكسجين مع ذرتي هيدروجين، ذرة الأوكسجين لوحدها تحتوي على 8 بروتونات و 8 إلكترونات بينما ذرة الهيدروجين لوحدها تحتوي على بروتون و إلكترون.
بينما عندما تكون هذه الذرات في جزيء الماء فإن ذرة الأوكسجين تقوم باستقطاب إلكتروني ذرتي الهيدروجين فيصبح لديها 10 إلكترونات و ثمانية بروتونات مما يجعلها سالبة الشحنة بينما ذرة الهيدروجين تصبح ببروتون واحد و دون إلكترون مما يجعلها موجبة الشحنة.
يسمى جزيء الماء في هذه الحالة بالمستقطب أي جزء ذو شحنة سالبة و هي ذرة الأوكسجين و جزء ذو شحنة موجبة و هو ذرتي الهيدروجين، نلاحظ أن ذرتي الهيدروجين موجودتين في نفس الجهة مما يجعل هذه الجهة ذات شحنة موجبة ضعيفة أما الجهة الأخرى أي جهة ذرة الأوكسجين فذات شحنة موجبة قوية.
تقوم الجهة موجبة الشحنة في جزيء الماء بجذب الجهة السالبة الشحنة لجزيء ماء آخر، يصبح الجزيئين في هذه الحالة متصلين بما يسمى الرابطة الهيدروجينية و هي رابطة ضعيفة تتشكل و تنكسر باستمرار بين جزيئات الماء مما يعطي للماء خاصيته السائلة في درجة حرارة معتدلة.
كيف يتحول الماء إلى جليد:
عندما تنخفض درجة الحرارة إلى أقل من 4° مئوية تصبح الرابطة الهيدروجينية أقل حركة و أكثر ثباتا مما كانت عليه في درجة الحرارة العادية فترتبط كل ذرة أوكسجين من جزيء الماء بذرة هيدروجبن من جزيء ماء مجاور مما يحول الماء من الحالة السائلة إلى الحالة الصلبة.
عند انخفاض درجة الحرارة تثبت الرابطة الهيدروجينية جزيئات الماء بشكل مترابط على شكل سداسي و هو ما يعطي الخاصية الكريستالية للجليد، هذا التموضع الجديد لجزيئات الماء أدى إلى زيادة حجم الفضاء الذي تشغله هذه الجزيئات بجوالي 9% وهو ما يفسر إنخفاض الكتلة الحجمية للجليد مقارنة بالماء، هذا التغير قد يختلف حسب نقاوة الماء.
تكون كثافة الماء النقي 1غ\سم³ في الحالة السائلة أما بعد التجمد فتصبح 0,931 غ\سم³ ، يمكن تجربة ذلك بوضع إناء ماء في المجمد مع وضع علامة مقابل مستوى، بعد التجمد ستلاحظ أن مستوى الماء ارتفع قليلا بنسبة 9% لذلك ينصح بعدم ملىء قارورات الماء كاملة أثناء وضعها في المجمد بل يجب ترك جزء فارغ لتمدد الماء بعد تجمده.
لماذا يطفو الجليد؟
كما أشرنا سابقا فإن تحول الماء إلى جليد يؤدي إلى انخفاض كثافته بحوالي 9% وهو ما يفسر طفو الجليد على سطح الماء حيث يظهر منه فقط حولي العشر أما الباقي فيكون مغمورا داخل الماء، تطرقنا في مقال سابق بالتفصيل عن قوة الطفو و سبب طفو بعض الأجسام على سطح الماء أنصحكم بقراءته.
لنأخذ مثالا بسيطا على ذلك، تخيل لو أن لدينا مكعب يزن 1كغ من الجليد و حجمه 1,09 ل (حجمه سيكون 1 لتر إذا كان في حالته السائلة) ، عندما يوضع داخل الماء فإنه سيزيح كمية من الماء تساوي وزنه حسبة قانون أرخميدس أي أنه سيزيح 1لترو بالتالي حجم الماء المزاح أقل من حجم مكعب الجليد و بالتالي فإن الجليد سيطفو و يبقى طاهرا من ما قيمته 9ّ% من حجمه.
قد تختلف هذه النسب حسب نوعية الماء و الثلج فقد تكونوا قد لاحظتم في بعض الفنادق أو المطاعم وجود قطع ثلج تقبع في قاع الكأس و هذا راجع لأن مكعبات الثلج هذه مصنوعة من الماء الثقيل الذي كثافته أكبر من كثافة الماء العادي ب 11%.
لماذا نسمع عن ارتفاع مستوى ماء في البحر بسبب ذوبان جليد القطبين؟
إذا ذابت قطعة ثلج طافية فوق سطح الماء فإن ذلك لن يُغير من مستوى الماء لأن قطعة
الجليد ستعود إلى حجمها الطبيعي عندما تعود إلى الحالة السائلة، إذا كان الأمر
كذلك فلماذا نسمع عن ارتفاع مستوى ماء البحر بسبب ذوبان جليد القطب الشمالي؟
في الواقع جليد القطبين ليس طافيا فوق سطح البحر حتى نقول إنه لن يغير من مستوى الماء بل هو ثابت من القدم و ليس جزءا من ماء البحر، لذلك فإن ذوبانه سيرفع من مستوى ماء البحار وهذا ما يحدث حاليا بسبب ارتفاع حرارة الكوكب.
جميل
ردحذف